إيمانويل ماكرون: ماذا وراء تصريحات الرئيس الفرنسي التي أغضبت الجزائر؟ – صحف عربية
تقارير سياسية
تناولت صحف ومواقع عربية تصريحات نقلت عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مفادها أن الجزائر كان يحكمها “نظام سياسي عسكري” له تاريخ رسمي لا يقوم على الحقيقة بل على كراهية فرنسا.
وتسببت تصريحات ماكرون في استدعاء الجزائر سفيرها من باريس متهمة فرنسا بالتدخل غير المقبول في شؤونها. ويأتي الخلاف الدبلوماسي بعد أيام من خفض فرنسا عدد التأشيرات التي تصدرها لمواطني الجزائر ودول شمال أفريقيا الأخرى.
ووصف عدد من كتاب الرأي تصريحات الرئيس الفرنسي بـ “الجهل”، بينما رأى فريق آخر من الكتاب أن تصريحات ماكرون تهدف إلى فوز الرأي العام الفرنسي الداخلي والظفر بفترة رئاسية جديدة.
“مصائب الجهل”
يقول عمار براهمية في “رأي اليوم” اللندنية: “دافع الرئيس الفرنسي عن تاريخ أجداده البائس في الجزائر، الذين كانوا محتلين ومستغلين لثروات الجزائر، وليس ذلك فقط بل حاولوا بحملات مستمرة ودنيئة جعل الجزائر فرنسية ووظفوا لذلك شتى وسائل الإكراه والتعذيب”.
ويضيف: “والعجيب فيما قاله ماكرون يكمن في سؤاله الغبي وما فيه من دلالات تنم عن جهل مركب وعميق حول تاريخ الأمة الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، والرد عليه مذمة لأن التاريخ لا يعطى مضمونه لمن فقد عقله، ولذلك وجب الترفع عن سؤاله وعدم الخوض فيما يجهله الرئيس الفرنسي…”.
ويتابع: “سؤاله يعبر عن قصر عمره السياسي ونهايته الوشيكة بوضع مزري تتخبط فيه فرنسا التي تتلقى الصفعات حتى من حلفائها الذين منعوا عنها صفقات كانت لتنعش اقتصادها المتعثر، خاصة مع نهاية ما تبقى من نفوذ فرنسي في الساحل الافريقي، وآخر من أحرج فرنسا في أفريقيا كانت الأمة المالية حين أنهت وجودها في مالي وطردتها شر طردة لتصبح منبوذة ومرفوضة”.
ويقول حازم عياد في “السبيل” الأردنية: “لغة ماكرون المتعالية تغذي الدعوات والأصوات التي باتت تتعالى عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمؤسسة المقاطعة للبضائع والثقافة الفرنسية، فماكرون – ومن ورائه اليمين – يقود فرنسا لمزيد من العزلة تشبه تلك التي عاشتها في عصور الظلام، حيث كان قبائل الغال تتنقل بين الغابات، وتعتاش على ضفاف الأنهر بدون هوية أو لغة معروفة”.
أما رشيد ولد بوسيافة، فيقول في “الشروق” الجزائرية إن “المشكلة هنا ليست في فرنسا وحكامها، ولكن في بعض الجزائريين الذين لا زالوا يسبّحون بحمد فرنسا، ويضيقُ العالمُ كلّه أمامهم إذا أُغلقت فرنسا الأبواب في وجوههم”.
ويوجه بوسيافة رسالة إلى “الرّسميون في فرنسا الذين استفادوا من عمالة بعض الجزائريين وحبّهم للمستعمِر في ترسيخ النّفوذ الفرنسي في الجزائر” قائلا إن “هؤلاء يمثلون جيلا في طريقه إلى الانقراض وأن أجيالا جديدة لا تحتفظ بحبل الودّ مع البلد الذي ارتكب المجازر في حق الجزائريين ونهب خيراتهم دون أن تكون له الشجاعة للاعتراف والاعتذار عن جرائمه”.
“استدعاء أدوار فرنسا الاستعمارية”
يعلق علي شندب علي موقع “العربية” على الأزمة بين البلدين قائلا: “جلّ ما في الأمر أن ماكرون يتوق لاستدعاء أدوار فرنسا الاستعمارية المتضخّمة”.
ولكن يسترسل الكاتب قائلا إنه “يبدو أن ماكينات التفكير الاستراتيجي الفرنسي، لم تتمكّن بعد من تفكيك ودحض مقولة وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد حول ‘أوروبا العجوز’، بدليل أزمة التأشيرات التي افتعلها ماكرون -لاستقطاب اليمين الفرنسي انتخابياً – مع المغرب وتونس والجزائر التي ردت على الإهانة المزدوجة باستدعاء سفيرها من باريس وبرفض خطاب الحنين الاستعماري لماكرون”.
وفي السياق ذاته، يناقش صبحي حديدي في “القدس” اللندنية الأسباب الداخلية وراء تصريحات ماكرون، فيقول إن أحد الأسباب الرئيسية هي “استباق حملات الانتخابات الرئاسية المنتظرة في أيار (مايو) المقبل، والتي تشهد لتوها تسخينا عاليا حول مسائل الهجرة والمواطنة والتاريخ الفرنسي والهوية والذاكرة، بما في ذلك إعادة قراءة ملفات الاستعمار الفرنسي للجزائر”.
ويتابع: “اعتبار آخر هو أنّ ماكرون يقلّب الرأي في طبيعة مساهمته، رئيسا ومرشحا، لإحياء الذكرى الـ60 لمجزرة باريس، التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية في 17 تشرين الأول (أكتوبر) 1961 ضد مظاهرة سلمية مساندة للثورة الجزائرية، وأسفرت عن مقتل 40 متظاهرا حسب الرواية الرسمية، والمئات حسب العديد من المؤرخين”.